يبدو أن رواندا في طريقها إلى إجراء تعديل دستوري جديد يتيح لها تغيير المواد المتعلقة بتنظيم الاستحقاقات الانتخابية بهدف الجمع بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ابتداء من سنة 2024، التي تشهد نهاية الولاية الحالية للرئيس بول كاغامي.
يأتي ذلك في أعقاب مصادقة مجلس الوزراء برئاسة بول كاغامي، نهاية الأسبوع الماضي، على اقتراح للرئيس يقضي بالشروع في عملية لتعديل الدستور من أجل مواءمة مواعيد الاستحقاقات الرئاسية والبرلمانية.
وسيكون اعتماد هذا التعديل، وفقا لمقتضيات الدستور الرواندي المعدل في 2015، رهينا بموافقة ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان الرواندي بغرفتيه ( مجلس النواب ومجلس الشيوخ). وفي حال إقراره، من المرتقب تمديد ولاية أعضاء البرلمان، التي تنتهي في شتنبر المقبل، لسنة إضافية، وإرجاء الانتخابات البرلمانية إلى غشت 2024.
وكان العضو البارز في حزب “الجبهة الوطنية الرواندية” الحاكم، أودا غاسينزيغوا أول من اقترح توحيد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أياما فقط بعد أدائه اليمين الدستورية كرئيس جديد للجنة الوطنية للانتخابات في 15 فبراير الماضي. وحظي هذا الاقتراح آنذاك بترحيب المجتمع المدني والمنتدى الاستشاري الوطني للمنظمات السياسية في رواندا.
وقالت غلوريوز أوانيريجيرا، المتحدثة باسم المنتدى الاستشاري الوطني للمنظمات السياسية، وعضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إنها تدعم هذا الاقتراح بشدة بالنظر لانعكاساته الإيجابية على الأحزاب السياسية والبلاد بشكل عام، خاصة فيما يتعلق بخفض نفقات الانتخابات وتقليص المدة الزمنية التي تخصصها الإحزاب السياسية للإعداد للانتخابات.
ولا شك أن هاجس الميزانية يعد المحرك الأساسي لخطوة مواءمة مواعيد الانتخابات، لاسيما في ظل الظرفية الاقتصادية الراهنة، خاصة وأن الجمع بين الاستحقاقين سيمكن من خفض نفقات خزينة الدولة بحوالي 6 ملايير مليار فرنك بحسب مسؤولين روانديين.
في هذا الصدد، أوضح السكرتير التنفيذي للجنة الوطنية للانتخابات، تشارلز مونيانيزا، أن الهدف الأساسي من هذه الخطوة يتمثل في ترشيد النفقات مع ضمان كفاءة أكبر للعملية الانتخابات، مبرزا أن تنظيم الحدثين الانتخابيين بشكل متزامن سيتطلب فقط حوالي 8 ملايير فرنك رواندي، مقابل 14 مليار فرنك رواندي في حال تنظيمهما في فترتين مختلفتين.
وأشار تشارلز مونيانيزا، في تصريح للصحافة، عقب موافقة مجلس الوزراء على اقتراح الرئيس، إلى أن هذه الخطوة تتماشى بشكل تام مع التزام رواندا بالتمويل الذاتي لاستحقاقاتها الانتخابية، موضحا أن هذه الخطوة ستساهم في تخفيف العبء على الأحزاب السياسية فيما يتعلق بتمويل حملاتها الانتخابية.
وإلى زمن غير بعيد، بدا تنظيم انتخابات متزامنة في رواندا بعيد المنال، بالنظر لتفاوت مدد ولايات كل من رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ، حيث تمتد فترة الرئيس لسبع سنوات، بينما تمتد ولاية أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب لمدة ثمان سنوات وخمس سنوات على التوالي.
غير أن التعديل الدستوري لسنة 2015 نص على تقليص مدة ولاية الرئيس وأعضاء مجلس الشيوخ إلى خمس سنوات، مما يجعلهما على قدم المساواة مع ولاية أعضاء مجلس النواب.
وبحسب خبراء في مجال القانون الدستوري، فإن تنزيل اقتراح الرئيس من أجل تعديل الدستور، يتطلب مراجعة مجموعة من النصوص القانونية تتعلق بمادة واحدة فقط من الدستور، مشيرين إلى أن هذا التعديل لا يستدعي إجراء استفتاء شعبي، وفقا للمقتضيات القانونية.
وبحسب المقتضيات ذاتها، يتطلب تعديل أو مراجعة الدستور موافقة ثلاثة أرباع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، غير أنه في حال كان التعديل يتعلق بفترة ولاية رئيس الجمهورية، فيجب إقراره عن طريق استفتاء شعبي، بعد اعتماده من قبل البرلمان.
ويعود تاريخ آخر استفتاء شعبي في رواندا إلى 18 دجنبر 2015، حيث مكنت نتائجه آنذاك بول كاغامي من الاستمرار في منصبه كرئيس للبلاد لولاية ثالثة، بالإضافة تقليص مدة ولاية الرئيس إلى خمس سنوات ابتداء من 2024.
ولا شك أن المصادقة على اقتراح تعديل الدستور لمواءمة مواعيد الانتخابات، الذي حظي على غير العادة بترحيب كافة القوى السياسية في رواندا، يعد أمرا شبه محسوم بالنظر لكون الحزب الحاكم يتوفر بالفعل على الأغلبية داخل البرلمان، في انتظار أن يسهم في توفير موارد مالية ضخمة يتطلع المواطن الرواندي إلى استثمارها في مشاريع سوسيو اقتصادية من شأنها التقليص من آثار الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.