مهدي النوري-ومع
رمضان شهر التقوى والرحمة والمغفرة ، غير أنه الشهر الذي يشهد ارتفاعا كبيرا في الاستهلاك ، وبالتالي في الإنفاق .
ويمكن تفسير هذا الإفراط في الاستهلاك ، الذي يؤدي كذلك إلى إهدار الطعام، بعدة عوامل.
فبحسب دراسة أنجزتها وزارة الفلاحة والصيد البحري سنة 2019، فإن استهلاك المواد الغذائية يرتفع خلال شهر رمضان بنسبة تتراوح ما بين 40 و50 في المائة، مقارنة بأشهر السنة الأخرى. وتعد الفواكه الجافة والمكسرات والتمور والحليب والخبز والمعجنات أكثر المنتجات استهلاكا خلال هذه الفترة.
وكشفت الدراسة كذلك أن أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان تعرف ارتفاعا، مما قد يساهم في زيادة إنفاق الأسر.
لقد أصبح الاستهلاك المفرط في المغرب خلال شهر رمضان عادة راسخة ، حيث تمتلىء الشوارع والأسواق بالمواد الغذائية الأكثر استهلاكا من قبيل التمور والفواكه الجافة والمشروبات المحلاة والمعجنات واللحوم والتوابل.
إن الاستهلاك المفرط للأطعمة له تأثير سلبي على الصحة، إذ يمكن أن تؤدي الوجبات التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والكربوهيدرات والبروتينات إلى زيادة الوزن ومشاكل في الجهاز الهضمي وأمراض مزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى مشاكل على مستوى الفم، كتسوس الأسنان والتهاب اللثة، بسبب التناول المفرط للمواد الغنية بالسكريات.
الاستهلاك المفرط له كذلك تأثير سلبي على البيئة؛ إذ يتطلب إنتاج وتوزيع المواد الغذائية كثير من الماء والطاقة والموارد الطبيعية. كما يرتبط إنتاج اللحوم بارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة التي تساهم في تغيرات المناخ.
ويحث الإسلام على الوسطية في جميع مناحي الحياة، بما في ذلك استهلاك الطعام؛ حيث قال الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : “ما مَلَأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا من بطن، بِحَسْبِ ابن آدم أُكُلَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَه،ُ فإن كان لا مَحَالةَ، فَثُلُثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لِنَفَسِهِ “.
كما يدعو الإسلام الناس إلى الانتباه إلى ما يتناولونه من طعام وتجنب الإفراط في الاستهلاك. كما يحثهم على الأكل في حدود الحاجة وتجنب المبالغة والإسراف حفاظا على صحتهم . ومن المهم أن يعي المرء بأن الإفراط في الاستهلاك خلال شهر رمضان أمر غير محمود ومضر، وأنه ينبغي تبني سلوكيات أكثر استدامة وصديقة للبيئة، من قبيل تقليل وجبات الطعام، واستهلاك المنتجات المحلية والطبيعية، وتقليل استهلاك اللحوم والسكريات، والحد من هدر الطعام.