خديجة الطاهري-ومع
سعيا منها لإستعادة أجواء رمضان المغربية الأصيلة، تحرص الجالية المغربية بالبرتغال قدر الإمكان على المحافظة على عاداتها وأجوائها الرمضانية، وإضفاء طابع خاص على هذا الشهر الفضيل حتى تعيش شعائرها الدينية وتجدد التشبت بجذورها وتقاليدها على الرغم من الصعوبات التي قد تعترضها.
فشهر رمضان في البرتغال، كما في باقي الديار الأوروبية، لا يفقد خصوصيته لدى كثير من أبناء الجالية المغربية، وإن اختلفت أجواءه وتضاءل أثرها على نمط الحياة اليومية، حيث تحاول الجالية المغربية ممارسة طقوسها على نحو لا يتعارض مع إيقاع الحياة العام والاعتيادي في بلاد المهجر.
ويأتي التزود بالمواد والمنتوجات المغربية على قائمة انشغالات مغاربة البرتغال، حيث تعرف المحلات العربية والمغربية، على قلتها، حركية لافتة وإقبالا كبيرا على المنتجات التي يتم استهلاكها خلال هذا الشهر الفضيل. ويتوافد معظم أفراد الجالية المقيمة بمنطقة لشبونة الكبرى نحو محل مغربي مختص في مواد التموين المغربية وبيع المنتوجات الحلال في حي أوديفيلاش.
وتقول سميرة المقيمة منذ أزيد من 18 سنة بلشبونة، إنها تتنقل إلى هذا المكان، الذي تباع فيه الحلويات المغربية مثل “الشباكية” و”سلو” و”البريوات” و”المسمن”، لشراء كل اللوازم التي تحتاجها لإعداد المائدة الرمضانية، والأطباق المغربية الأصيلة.
وتضيف المتحدثة في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بنبرة يطبعها الحنين، “أحرص على تحضير كل الأطباق المغربية التقليدية الأصيلة، لكن في الحقيقة ليس هناك ما يضاهي روائح التوابل والحلويات والفطائر التي تعبق بها الأزقة والبيوت بالمغرب خلال هذا الشهر”.
وبالنسبة لمحمد، وهو رب أسرة مقيمة بكاشكايش، وهي مدينة صغيرة تابعة لمنطقة لشبونة، الذي جاء إلى هذا المتجر حاملا بيده قائمة طويلة من المشتريات التي تحتاجها زوجته لتأتيت المائدة الرمضانية بمختلف الأطباق المغربية، فيحرص على تقاسم تجربة رمضان مع أصدقائه، برتغاليين ومغاربة، كما عاشها في المغرب مع أسرته.
ويرى في هذا السياق أن هذا الشهر الفضيل هو أيضا مناسبة للتراحم والكرم والصبر وتمتين الأواصر الاجتماعية، وزيارة الأصدقاء، وأيضا لعيش لحظات روحانية، قائلا في هذا الصدد “يصعب علي التنقل يوميا إلى لشبونة، حيث يوجد المسجد الكبير، لأداء صلاة التروايح، لكني أحرص على أداء صلاة الجمعة بهذا المسجد، وعيش طقوس رمضان الروحية وعاداته الجميلة وشعائره الدينية مع أطفالي بالمنزل حتى يتشبعوا بتربية إسلامية تحترم عاداتنا وتقاليدنا وهويتنا المغربية”.
أما حمو أمغون، رئيس جمعية السلام للمهاجرين المغاربة ببورتو، حيث تقيم جالية مغربية مهمة نسبيا، فأكد، في تصريح مماثل، أن الشهر الكريم يشكل مناسبة للقاء وصلة الرحم وتقاسم لحظات مفعمة بالحنين إلى الوطن.
وأضاف السيد أمغون “ننظم عدة أنشطة احتفالا بهذا الشهر الفضيل، منها إفطارات جماعية لفائدة المواطنين المغاربة المقيمين ببورتو وضواحيها”.
وأشار هذا الجمعوي إلى أنه تتم، أيضا، دعوة أفراد من الجاليات الإسلامية الأخرى وبرتغاليين إلى هذه الإفطارات الجماعية التي تشكل لحظات لقاءات بين مختلف الأديان والثقافات.
وتابع أن الأسر المغربية ببورتو تنتظر هذا الشهر الكريم لتتبادل خلاله الزيارات مع العائلات والأصدقاء، ومشاركتهم وجبة إفطار، مضيفا أن جمعيته تساهم في لم مغاربة هذه المدينة شمال البرتغال، وتتعاون مع المركز الإسلامي الثقافي ببورتو في عملية توزيع القفة الرمضانية للأسر المعوزة.
وشدد على أن الجانب الديني يحتل مكانة هامة في حياة مغاربة البرتغال خلال هذا الشهر كباقي الجاليات المسلمة. ويتوافد المؤمنون على المساجد لأداء صلواتهم ومتابعة الدروس والمحاضرات بمناسبة هذا الشهر الفضيل.
وفي المحصلة، تغيب الأجواء والطقوس الخاصة بشهر رمضان في شوارع لشبونة ومحلاتها التجارية ومقاهيها، لكنها حاضرة في المساجد والمراكز الإسلامية، ولدى جميع الأسر المغربية التي تحرص على إحياء عادات رمضان بجميع تفاصيلها.