أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، أن ورش اللاتمركز الإداري يشكل سندا لا محيد عنه لإنجاح ورش الجهوية، باعتباره خيارا استراتيجيا للدولة. وأبرز السيد أخنوش، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، حول موضوع “ميثاق اللاتمركز الإداري ورهان العدالة المجالية والاجتماعية”، العناية المولوية السامية التي حظي بها هذا الورش من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالنظر لأهميته الاستراتيجية ضمن الدينامية المؤسساتية المواكبة لتنزيل الجهوية المتقدمة.
وأشار في هذا السياق إلى دعوة جلالة الملك إلى تسريع تنزيل مضامين الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، من خلال الرسالة الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة المنعقدة بأكادير في شهر دجنبر 2019، حيث أكد جلالته على ضرورة “تعبئة كل الطاقات والانخراط الفعلي لكافة القطاعات الوزارية في تفعيل الميثاق، عبر التسريع من وتيرة إعداد التصاميم المديرية للا تمركز الإداري، والتي يجب أن تكون مبنية على نقل فعلي للاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية إلى المستوى الجهوي”.
وأكد السيد أخنوش أن الحكومة، واستحضارا منها للتوجهات الملكية السامية، حرصت على جعل الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري من المحاور الأساسية لتعزيز حكامة التدبير العمومي بالمملكة، واتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين ولوج الجميع إلى الخدمات العمومية، والعمل على تقريب الإدارة من المواطنين، فضلا عن تطوير آليات اتخاذ القرار بشكل فعال وسريع، مشددا على أن ذلك سيمكن من تطوير سياسات تقليص الفوارق المجالية في جميع القطاعات وتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، بما ينعكس إيجابا على التنمية المستدامة والشاملة التي يطمح لها الجميع.
واستحضر في هذا السياق الأشواط المهمة التي قطعها المغرب منذ فجر الاستقلال في وضع اللبنات الأولى لإرساء الجهوية المتقدمة وتعزيز اللاتمركز الإداري، باعتبارهما يمثلان ورشا حيويا لتعزيز الديمقراطية المحلية وتحديث هياكل الدولة، والنهوض بالتنمية المستدامة والمندمجة وتعزيز سياسة القرب، إضافة إلى تبني مقاربة جديدة في وضع وتنفيذ السياسات العمومية تضمن التقليص من التفاوتات المجالية والترابية بين جهات وأقاليم المملكة. وشدد رئيس الحكومة على أن خيار اللامركزية الترابية الذي تبناه المغرب يتطلب بالأساس توفير الظروف القانونية والإدارية والمادية الضرورية للتنزيل الناجع لهيئات التدبير الترابي، مشيرا في هذا الإطار إلى الإصلاحات الدستورية والقانونية والبنيوية التي واكبت مسلسل اللامركزية الترابية، ومن أهمها المصادقة على المرسوم رقم 2.17.618 بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، كدعامة أساسية لمساعدة الجماعات الترابية ومصالح الدولة اللاممركزة ومؤسساتها للقيام بالمهام المنوطة بها.
ولبلوغ الأهداف المتوخاة من هذا الميثاق، يتابع السيد أخنوش، تتولى المصالح الخارجية التابعة للسلطة الحكومية على المستوى المحل، وبتنسيق مع الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم، تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للجماعات الترابية والهيئات ذات الاختصاص الترابي، والعمل على إرساء أسس شراكة فاعلة مع الجماعات الترابية وباقي المؤسسات الأخرى، كما تساهم أيضا في تنمية قدرات الجماعات الترابية ومساعدتها في ممارسة المهام المسندة إليها، وتعزيز آليات الحوار والتشاور مع كافة المتدخلين على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو الإقليم.
وأشار إلى أن سياسة اللاتمركز تقوم على مرتكزين أساسيين، أولهما الجهة باعتبارها الفضاء المثالي لتنفيذ توجهات الدولة بالنظر لكونها تحتل مكانة الصدارة في التنظيم الترابي للمملكة، ثم المرتكز الثاني ويمثله والي الجهة باعتباره ممثلا للسلطة المركزية على المستوى الجهوي، وفاعلا مركزيا في تنسيق أنشطة المصالح الخارجية للوزارات والساهر على حسن سيرها ومراقبتها، وذلك بهدف تحقيق التقائية السياسات والبرامج العمومية بما يضمن النجاعة والفعالية على المستوى الترابي.
وسجل السيد أخنوش أن الميثاق الوطني للاتمركز الإداري يروم تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها مواكبة التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، والعمل على ضمان نجاعته وفعاليته مع تعزيز آليات التكامل والتعاون والشراكة بين المصالح اللاممركزة للدولة والهيئات اللامركزية، ولا سيما منها الجماعات الترابية، وتقريب الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة إلى المرتفقين أشخاصا ذاتيين كانوا أو اعتباريين، وتحسين جودتها، وتأمين استمراريتها.
كما يتوخى الميثاق، يضيف رئيس الحكومة، التوطين الترابي للسياسات العمومية من خلال أخذ الخصوصيات الجهوية والإقليمية بعين الاعتبار في إعداد هذه السياسات وتنفيذها وتقييمها، مع ضمان إلتقائيتها وتجانسها وتكاملها على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة أو الإقليم، وتحقيق التعاضد في وسائل تنفيذها.