في ديسمبر 2020، انضم المغرب إلى قائمة الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل، في خطوة مثيرة للجدل اعتبرتها العديد من الأطراف فرصة لتعزيز الاستقرار في المنطقة. لكن منذ ذلك الحين، لم تتوقف إسرائيل عن إظهار عدم احترامها لشركائها الجدد، وكانت أبرز هذه الاستفزازات ما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما عرض خريطة للعالم تفتقد الصحراء المغربية كجزء من المغرب. هذه الحادثة لم تكن الأولى، بل تكررت مرتين، مما أثار غضباً واسعاً في الأوساط المغربية.
نتنياهو والخريطة المبتورة: استفزاز مقصود أم خطأ غير مقصود؟
أولاً، لننظر إلى الحادثة بعيون متفحصة. في السياسة الدولية، لا شيء يحدث عن غير قصد، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقادة بارزين مثل نتنياهو، وعرض خريطة مبتورة للمغرب دون الصحراء المغربية يعد إشارة واضحة على موقف إسرائيل الحقيقي تجاه القضية المغربية، وتكرار نفس الخطأ مرتين يعكس رسالة ضمنية: نحن نرى المغرب بحدود تختلف عن تلك التي تعترفون بها أنتم.
ماذا يحاول نتنياهو قوله للمغرب؟
من خلال هذه الحادثة، يرسل نتنياهو عدة رسائل:
1. موقف مائع من قضية الصحراء الغربية: رغم الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، تبدو إسرائيل غير ملتزمة بهذا الموقف، مما يشير إلى أنها تحتفظ بخيارات مفتوحة وربما تستخدم هذا الموقف كورقة ضغط في المستقبل.
2. تقليل أهمية التطبيع: بإظهار خريطة مبتورة، يعبر نتنياهو عن استهانته بالاتفاقيات الأخيرة، مؤكداً أن التطبيع لم يغير من رؤيته الاستراتيجية للمنطقة.
3. إثارة قلق الدول الأخرى: هذه الخطوة يمكن أن تكون رسالة لبقية الدول العربية التي تفكر في التطبيع مع إسرائيل، محذرة من أن مصالحها قد لا تكون محمية أو محترمة بالكامل.
لماذا تكررت الحادثة؟
التكرار يعكس نية واضحة وراء هذا التصرف، إذا كان الحدث الأول يمكن تفسيره كخطأ غير مقصود، فإن تكراره يشير إلى عدم اكتراث أو احترام للمغرب، والأسباب الممكنة وراء هذا التكرار تشمل:
1. ضغط داخلي: نتنياهو، المعروف بدهائه السياسي، قد يستخدم هذه الحوادث لتوجيه رسالة للجمهور الإسرائيلي المحافظ الذي قد يكون غير مرتاح للتطبيع مع الدول العربية.
2. اختبار ردود الفعل: ربما يحاول نتنياهو اختبار مدى قوة رد الفعل المغربي، واستخدامه كمعيار لمواقف مستقبلية.
3. رسائل ضمنية للولايات المتحدة: بإظهار خريطة تختلف عن التي اعترفت بها الولايات المتحدة، قد تكون إسرائيل ترسل إشارات لواشنطن حول استقلالية مواقفها وسياساتها.
رسائل واضحة واستفزاز مستمر
استفزازات نتنياهو المتكررة عبر عرض خريطة مبتورة للمغرب تكشف عن نوايا إسرائيلية غير ودية تجاه المغرب. إن تكرار هذه الحادثة لا يمكن تفسيره كخطأ غير مقصود، بل هو رسالة ضمنية عن رؤية إسرائيل للمنطقة وموقفها من قضية الصحراء المغربية، لذلك على المغرب والدول العربية المطبعة مع إسرائيل إعادة النظر في علاقاتها وضمان أن تكون مبنية على احترام متبادل لمصالحها وقضاياها الوطنية، فالتطبيع ليس مجرد ورقة ضغط اقتصادي أو دبلوماسي، بل هو علاقة تتطلب التزاماً حقيقياً واعترافاً بمصالح الطرف الآخر.
في نهاية المطاف، يتعين على المغرب أن يقف بثبات ويطالب باحترام كامل لسيادته ووحدة أراضيه، وألا يسمح لأي طرف باستخدام قضاياه الوطنية كورقة ضغط أو مساومة.