في 10 ديسمبر 2020، أعلن المغرب عن تطبيع علاقاته مع إسرائيل، في خطوة أثارت العديد من التساؤلات حول تأثير هذه الخطوة على القضية الفلسطينية، ورغم الوعود بتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، لم تتوقف إسرائيل عن سياساتها العدوانية تجاه الفلسطينيين، مما يثير تساؤلات حقيقية حول جدوى وأهداف هذه الاتفاقيات.
خلفية التطبيع واتفاقيات إبراهيم
شهدت السنوات الأخيرة سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدة دول عربية، بدأت باتفاقيات إبراهيم التي وقعتها الإمارات العربية المتحدة والبحرين في سبتمبر 2020، تلتها السودان والمغرب، هذه الاتفاقيات، التي جاءت بوساطة أمريكية، وعدت بتعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والأمني بين الدول الموقعة وإسرائيل، مع تقديم حوافز دبلوماسية وسياسية من الولايات المتحدة.
في حالة المغرب، كان التطبيع مصحوباً باعتراف أمريكي بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، وهي خطوة استراتيجية عززت موقف المغرب في نزاعه الطويل الأمد مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجارة الجزائر.
الأهداف المعلنة وغير المعلنة للتطبيع
بجانب الأهداف الاقتصادية والتنموية المعلنة، ادعت الدول الموقعة أن التطبيع يمكن أن يساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وأن يكون رافعة ضغط على إسرائيل للالتزام بحل الدولتين واحترام حقوق الفلسطينيين، لكن هذه الاتفاقيات لم تتناول جذور الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل تركزت بشكل رئيسي على مصالح الدول الموقعة مع إسرائيل والولايات المتحدة. بالتالي، فإن تأثيرها على أرض الواقع في تحسين حياة الفلسطينيين أو الضغط على إسرائيل لوقف سياساتها العدوانية يبقى محدوداً.
إسرائيل مستمرة في سياساتها العدوانية
رغم تطبيع العلاقات مع الدول العربية، لم تظهر إسرائيل أي تغيير جوهري في سياساتها تجاه الفلسطينيين، وما زالت عمليات التوسع الاستيطاني مستمرة في الضفة الغربية، وما زالت الإجراءات القمعية في القدس وقطاع غزة جزء من الواقع اليومي للفلسطينيين. في مايو 2021، شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة على قطاع غزة أسفرت عن مقتل وجرح مئات الفلسطينيين، وتدمير واسع للبنية التحتية.
أين السلام بعد التطبيع؟
إن غياب أي تقدم حقيقي نحو السلام الشامل والعادل في فلسطين بعد موجة التطبيع يثير تساؤلات حقيقية حول فعالية هذه الاتفاقيات، وبالنسبة للفلسطينيين، فإن تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل لم يغير من واقعهم المرير، بل ربما زاد من شعورهم بالعزلة وخيبة الأمل.
ويبدو أن المستفيد الوحيد من هذه الاتفاقيات هو اسرائيل إذ أنها سائرة في تعزيز موقفها الدولي وتطبيع وجودها في المنطقة دون تقديم أي تنازلات حقيقية في ملف السلام، بدلاً من ذلك، استمرت في سياساتها العدوانية، مما يضع علامات استفهام حول نواياها الحقيقية تجاه عملية السلام.
الخلاصة
التطبيع بين المغرب وإسرائيل، رغم ما يحمله من فرص اقتصادية وتنموية، لم يسهم في تغيير جوهري في سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، وما زال السلام العادل والشامل بعيد المنال، وما زالت القضية الفلسطينية بحاجة إلى دعم دولي حقيقي يضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها والالتزام بحقوق الفلسطينيين.
إن تحقيق السلام الحقيقي يتطلب جهوداً جماعية ومواقف صارمة من المجتمع الدولي، وليس فقط اتفاقيات ثنائية تهدف لتحقيق مكاسب قصيرة الأمد، وعلى الدول العربية والمجتمع الدولي أن يبذلوا جهوداً أكبر لضمان أن تكون أي اتفاقيات تطبيع تصب في صالح تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.