أثار إعلان المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، عن نسبة المتحدثين بالأمازيغية في المغرب والتي بلغت 24.08%، جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية واللغوية بالمملكة، والنتائج التي قسمت النسبة بين تعبيرات اللغة الأمازيغية الثلاث؛ تاشلحيت بنسبة 14%، وتامازيغت بنسبة 7.4%، وتاريفيت بنسبة 3.2%، قوبلت بانتقادات حادة من طرف عدد من الفاعلين الثقافيين، أبرزهم الكاتب والناشط الأمازيغي عبد الله بوشطارت، الذي اعتبر هذه النسب غير واقعية وتفتقر للدقة العلمية والمنهجية.
ووصف الكاتب والباحث عبد الله بوشطارت، في تصريح لموقع “الأول للأخبار”، هذه النسبة بأنها “غير واقعية” لأسباب عدة، أبرزها المنهجية المستخدمة في الإحصاء، وأوضح أن إدراج أسئلة اللغة ضمن الاستمارة الطويلة التي شملت فقط 20% من السكان، في مقابل الاستمارة القصيرة التي استهدفت 80%، يعكس خللًا كبيرًا في الأسس التقنية للإحصاء.
وأضاف: “هذا ليس بإحصاء عام، وإنما هو إحصاء لعينة محدودة لا تتجاوز 20%، وبالتالي فالمندوبية تمارس التعويم واللعب بالأرقام”.
وأردف عضو مجموعة الوفاء للبديل الأمازيغي قائلاً إن هذه المنهجية ذات طبيعة “موجهة وإيديولوجية”، تهدف، حسب رأيه، إلى التأثير على مكانة اللغة الأمازيغية. وأضاف: “لقد نبهنا إلى هذا الأمر قبيل الإحصاء عبر بلاغات وتصريحات، وقلنا إنه إحصاء غير موضوعي، يهدف إلى قياس نسبة التعريب وسريانه داخل المجتمع”.
وفي سياق نقده للنتائج المعلنة، تساءل بوشطارت عن النسبة المعلنة للمتحدثين باللغة العربية، والتي بلغت 99%، وقال: “هل يتحدث 99% من المغاربة اللغة العربية الفصيحة أم الدارجة؟ وما الهدف من إعلان هذه النتائج في هذا التوقيت وبهذه الصيغة؟”.
وطالب بوشطارت بحجب نتائج اللغة، مؤكدا أنها تسيء للتعددية والتنوع الثقافي واللغوي الذي يتميز به المغرب، محذرا من تأثير هذه النتائج على مسار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خصوصا فيما يتعلق بالتعليم والإعلام والقضاء، قائلاً: “الفاعل الحكومي والسياسي سيستحضر هذه الأرقام عند اتخاذ قرارات تخص ترسيم الأمازيغية”.
وبخصوص إمكانية اعتبار هذه النتيجة استمرار لطمس الامازيغية قال “هذه النتيجة نكوصية وخطيرة وتؤكد على وجود أوساط ايديولوجية مقاومة لما تحققه المملكة المغربية من مكتسبات في التصالح مع الهوية الوطنية وفي تدبير التعدد اللغوي والثقافي والنهوض باللغة الأمازيغية التي عانت عقودا من التهميش والإقبار، وبالتالي فهذه النتيجة هي تكريس للإقصاء…وفي المقابل ستساعدنا داخل الحركة الأمازيغية في مواجهة ذلك بعقلانية وحكمة وتبصر والعمل على النضال والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها”.
الجدير بالذكر أن هذه النتائج قد تستخدم، وفق بوشطارت، كذريعة سياسية لتقليص الدعم الموجه للأمازيغية في التعليم والإعلام والقضاء، مما يطرح تساؤلات حول مدى حياديتها وتأثيرها على سياسات الهوية في المغرب.