صناعة الحروب: بين وهم هوليوود وواقع الدم والدمار
محمد الزكراوي
في عالم السينما والتلفزيون، تصور الحروب بشكل ملحمي ومثير، حيث يظهر البطل الخارق يواجه الشر بكل قوته وينتصر في النهاية. ولكن هل هذه الصورة الحقيقية للحروب؟ هل يعكس ما نراه على الشاشة الواقع الذي يعيشه الناس في مناطق النزاع؟
الحقيقة المرّة هي أن الحروب ليست كما يصورها هوليوود. ليس كل مواجهة تنتهي بالانتصار الساحق والهزيمة المدمرة، بل تمتد الحروب على مدار سنوات وأحيانا عقود، مع معاناة الشعوب وتضحياتها الجسيمة.
في الواقع، الانتصار في الحرب لا يأتي بسهولة كما يظهر في الأفلام. بدلاً من ذلك، يتطلب النصر تضحيات كبيرة ومعاناة طويلة، وحتى في أعقاب النصر، تبقى الآثار الدائمة للحرب تحيط بالناس وتؤثر في حياتهم لسنوات قادمة.
على الرغم من ذلك، يظل تصوير الحروب في السينما هو التصوير الأكثر شهرة وانتشارا. وراء هذا التصوير الخيالي، يمكن أن نرى تأثيرًا مباشرًا لشركات السلاح التي تسعى لتسويق منتجاتها وزيادة مبيعاتها. يمكن لهذا التصوير المثير أن يعطي صورة مغلوطة للجمهور حول طبيعة الحروب وتبعاتها.
وربطا لهذا المعطى بالواقع، يجب أن نتطرق إلى التصعيد الأخير الذي قامت به إيران، حيث قامت بتوجيه صواريخها نحو إسرائيل، ويبدو أن هذا العمل العدائي لم يأت من فراغ، بل قد يكون جزءً من استراتيجية أو تصفية حسابات إقليمية، ومع ذلك، يمكننا أن نرى هذا العمل بوصفه مسرحية لتصريف الانتباه عن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة. إذ أن الاحتجاجات الدولية ضد الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين تتزايد، وقد يكون هذا التصعيد الإيراني محاولة لتحويل الانتباه بعيدًا عن الانتهاكات الإنسانية الجارية في فلسطين.
هذا الجانب المظلم للحروب والنزاعات الإقليمية يظهر كيف يمكن استخدام التوترات الجديدة كوسيلة لتصريف الانتباه عن الأزمات القائمة، مما يضعف المحادثات المتعلقة بحلول سلمية ويزيد من التوترات والصراعات. لذا، يجب على الجميع أن يكونوا حذرين ويفحصوا بعناية السياق الكامل للأحداث الجارية ولا يقتصروا على التصوير السطحي الذي يُعرضه وسائل الإعلام والأفلام التجارية.
في النهاية، يجب علينا أن نفهم أن الحروب ليست مجرد مغامرة مثيرة كما يظهر في الأفلام. بدلاً من ذلك، فإنها تمثل معاناة حقيقية وتحديات صعبة تواجهها الشعوب في جميع أنحاء العالم. لذا، من المهم أن ننظر إلى التصوير السينمائي للحروب بنظرة نقدية وندرك الفجوة بين الواقع والخيال التي يمكن أن تخلفها هذه الأفلام.