فرضت الصدمات التي يعرفها الاقتصاد العالمي جراء التوترات الإقليمية والدولية، على الحكومة المصرية اتخاذ مزيد من الإصلاحات والإجراءات الهيكلية للتعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة.
ولعل أبرز هذه التحديات يتمثل في شح العملة الصعبة وخاصة الدولار، حيث يشهد الفارق بين سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك والسوق الموازي “السوداء” نحو 20 جنيها، وفي بعض المناطق تجاوز ذلك في مقابل سعر دولار رسمي يعادل 30.90 جنيه.
يضاف إلى ذلك ارتفاع معدل الدين الذي بلغ 97 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في الشهور الاخيرة بزيادة هائلة تصل إلى 16.8 في المئة مقارنة بما كان عليه في يونيو من العام الفارط.
وقدرت تقارير محلية أن تبلغ الاحتياجات المصرية من التمويل الخارجي في السنة المالية الحالية والمقبلة ما لا يقل عن 41.5 مليار دولار.
وسجل أخر تقرير للجنة السياسية النقدية بالبنك المركزي المصري أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عرف تباطؤا بقيمة 2،9 بالمائة خلال الربع الثاني من عام 2023 مقارنة ب 3،9 بالمائة سنة قبل ذلك، وذلك نتيجة الانكماش في إجمالي الاستثمارات المحلية بشكل أساسي.
وتوقع البنك المركزي أن يستمر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في التباطؤ خلال العام المالي الحالي مقارنة بالعام المالي السابق له، على أن يعاود الارتفاع تدريجيا فيما بعد.
وفي مواجهة هذه التحديات التي تواجهها البلاد، تسعى الحكومة لتفعيل مجموعة من التدابير أهمها الاستمرار في جهود الحفاظ على الاستقرار المالي المتوازن في ظل تداعيات الأزمة الراهنة، وتعزيز جهود مساندة النشاط الاقتصادي وتحفيزه دون الإخلال باستدامة مؤشرات الموازنة والدين، والاستمرار في دعم ومساندة القطاعات الإنتاجية والفئات الأكثر تأثرا بالأزمات الاقتصادية.
وفي إطار البرنامج الاقتصادى المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، تسعى الحكومة لتنفيذ حزمة شاملة من السياسات الهادفة إلى الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، واستعادة الاحتياطيات الوقائية، وتمهيد الطريق نحو تحقيق نمو مستدام وشامل بقيادة القطاع الخاص.
وتتضمن حزمة السياسات هذه التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن لتعزيز الصلابة في مواجهة الصدمات الخارجية وإعادة بناء الاحتياطيات الوقائية الخارجية، وتنفيذ سياسة نقدية تهدف إلى تخفيض معدلات التضخم تدريجيا تماشيا مع أهداف البنك المركزي، وإدارة الدين لضمان تراجع نسبة الدين العام، فضلا عن تبني إصلاحات هيكلية واسعة لتسهيل تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص، وضمان المنافسة العادلة بين جميع الكيانات الاقتصادية، وتعزيز الحكامة والشفافية في القطاع العام.
وكشفت تقارير اقتصادية محلية أن الحكومة تقترب من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتوسيع برنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، إلى حوالي 6 مليارات دولار، وأن شركاء آخرين متعددي الأطراف سيقدمون أيضا تمويلا جديدا لمصر.