يقدر الغطاء الغابوي لجهة مراكش-آسفي، حسب معطيات للوكالة الوطنية للمياه والغابات بمراكش-آسفي، بـ563.955 هكتار أي ما يعادل 10.50 بالمئة من الإجمالي الوطني، وتغطي الغابات الطبيعية 499.460 هكتارا إضافة إلى 64495 هكتارا من الغابات حصيلة برامج التشجير والحراجة، وتتركز أساسا على صعيد أقاليم الصويرة، وشيشاوة، والحوز.
إلا أن هذه الثروة الغابوية مهددة بالحرائق، خاصة في الظرفية الحالية، إذ أن الاضطرابات المناخية الآنية والتي تتميز بالجفاف، وتوالي موجات الحر الطويلة، تحفز عوامل اندلاع الحرائق بالغابات، وتجعلها أكثر عرضة وهشاشة، خصوصا مع غطاء نباتي جاف شديد الاشتعال.
وبلغة الأرقام، عرفت جهة مراكش-آسفي اندلاع 11 حريقا برسم سنة 2022 مع 114.03 هكتارا طالتها النيران، معظمها من تكوينات عشبية وشجيرات، مقارنة بمعدل 30 هكتارا مسجلة في العشر سنوات الأخيرة.
وتتميز منطقة الأطلس الكبير بمنظومة غابوية ذات خصائص إيكولوجية وتنوع بيئي ومناظر طبيعية خاصة بالجهة، إلا أن هذه النظم تخضع لضغوطات متعددة كالنمو السكاني، والرعي الجائر، والأنشطة البشرية المكثفة، والقطع غير القانوني للأشجار، إضافة إلى التغيرات المناخية التي تجعل من هذه النظم البيئية الغنية شديدة الهشاشة أكثر عرضة.
بهذا الصدد، قال المدير الجهوي للوكالة الوطنية للمياه والغابات بجهة مراكش آسفي، عبد العزيز الحجاجي، إن “التدابير التي اعتمدها القطاع تأخذ في الحسبان طبيعة الغطاء الغابوي للجهة”، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تحتل المرتبة الثانية وطنيا في ما يتعلق بأنواع الأشجار ذات الخشب اللين، والتي تكتسي قدرا كبيرا من الأهمية، لكنها شديدة القابلية للاشتعال، إضافة إلى الغابات المتساقطة الأوراق، والتي تغطي 290.590 هكتارا.
وأوضح الحجاجي أن “المديرية الجهوية للوكالة الوطنية للمياه والغابات تتخذ مجموعة من التدابير الوقائية وتستفيد من منصة رقمية حيث يتم تبادل المعلومات الواقعية الفورية حول واقع النظم الإيكولوجية للغابات”.
وكشف الحجاجي أن الأمر يتعلق برسم خرائط يحدد بوضوح المناطق المعرضة للخطر وفقا لعدة معايير للتحديد المسبق للمواقع ونشر يومي أكثر عقلانية وفعالية لفرق المراقبة والتدخل البري في أسرع وقت ممكن لاحتواء الحريق.
وبخصوص استراتيجية الوكالة، أبرز أنها تنطوي على محورين أساسيين هما الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها، وما بعد الحرائق، مشيرا إلى أن المحور الأول يعتبر مهما للتدبير المستدام للغابات.
وتابع أن “الإدارة تتبنى نهجا عمليا قائما على استراتيجية ومخطط الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها مع شركائها (وزارة الداخلية، والوقاية المدنية، والدرك الملكي، والقوات المسلحة الملكية، والقوات الجوية الملكية، والقوات المساعدة، والسلطات المحلية) للحد من عدد حالات اندلاع الحرائق واحتوائها، بغية الحفاظ على النظم البيئية للغابات والبنيات التحتية وسلامة المواطنين”.
وسجل أنه “تمت تعبئة وسائل عالية التقنية تراعي جملة من المعايير، بناء على الحالة الراهنة للغابات والحرائق المرجعية مع ثوابت مناخية للمنطقة، وبيانات عن التضاريس، والانحدار، وزاوية إسقاط أشعة الشمس، وعوامل أخرى متعلقة بالتربة والغطاء النباتي، ويتعلق الأمر بوسيلة تمكن من تموضع فرق التدخل البري واحتواء الحريق والسيطرة عليه، مما يسهل التدخل الميداني”.
وإضافة إلى الأعمال المبرمجة، أشار الحجاجي، إلى صيانة المسارات والطرق في الغابات لتسهيل الولوج اليها، ومصدات النار، وإنشاء نقاط التزود بالمياه، وتشذيب جوانب الطرقات والسكك الحديدية والتيارات الكهربائية، والحراجة الوقائية، مضيفا أنها تنطوي على عمليات تهم أيضا إنشاء نوع من التقسيم في الغابات لتجنب “حرائق التاج”، وبالتالي تطور الحرائق إلى حرائق مهولة يصعب التغلب عليها.
وأبرز أن هناك إجراءات مكافحة الحرائق على أربع مستويات من التدخل، والتي تحدد بوضوح خصائص كل شريك من الإنذار إلى السيطرة على الحريق، حيث يعتمد المستوى الأول على التدبير السريع، وتدخل مصالح الوكالة الوطنية للمياه والغابات بمجرد اندلاع الحريق باستخدام مركبات التدخل الأول (V.P.I) وعناصر الوقاية المدنية.
أما المستوى الثاني فمعزز بالأسطول الجوي باستخدام طائرات “كانادير” بسعة 6 أطنان من القوات الجوية الملكية، لإخماد الحرائق وأيضا بتعبئة القوات المساعدة لاحتواء الحريق على الأرض وحماية البنيات التحتية والمعدات الحساسة.
وتابع أنه إذا لم تتم السيطرة على الحريق، فيتم إنشاء مركز قيادة في الموقع برئاسة عامل الإقليم، حيث يتم تعزيز نظام التدخل من قبل القوات المسلحة الملكية على الأرض، بدعم من طائرات الدرك الملكي (Turbo Trush) بسعة 1.5 إلى 3 أطنان (المستوى الثالث).
وأضاف المدير الجهوي للوكالة الوطنية للمياه والغابات بمراكش آسفي، أنه عندما يصبح من الصعب السيطرة على الحريق بالوسائل الوطنية، يتم اللجوء إلى المساعدة الدولية لتعزيز الأسطول الجوي الوطني المتدخل في المكافحة الجوية.
وأوضح أنه بعد كل حريق غابوي، غالبا ما يتم تحفيز التجديد الطبيعي مع دعم حرجي يتمثل بعمليات تشجير موضعي أحيانا، “أما التخليف الاصطناعي فيخص المساحات التي طالتها النيران مع عدم وجود أي فرصة للتخليف الطبيعي، ويتم التشجير بأصناف مرنة تتكيف مع الظروف البيئية والمناخية، مقاومة للحرائق ومسببات الأمراض”.
وسجل أن الهدف من هذا النوع من البرامج هو إعادة إنشاء فسيفساء نباتية تشكل موطنا حيويا للحيوانات والنباتات التي ستستقر تدريجيا في المناطق المتضررة.
وفي هذا الاتجاه، أكد أهمية التربية على المواطنة وضرورة تطوير ثقافة مخاطر حرائق الغابات، لزيادة الوعي البيئي عند مرتادي الغابات والسياح، وبشكل خاص سكان المناطق القريبة من الغابات.
وبعدما سجل الحاجة إلى مزيد من التعبئة الميدانية لتجنب هدا النوع من الكوارث، أبرز محورية مساهمة المواطنين ومشاركتهم في المحافظة على الغابات، عبر الالتزام بالسلوك المسؤول في الغابات، مضيفا أن “للحرائق الغابوية عواقب إيكولوجية تمس الاقتصاد المحلي والموروث الطبيعي”.
وخلص الحجاجي إلى أن اليقظة والحذر من أولويات جميع المواطنين، لأجل ذلك وجب تبني سلوكيات صديقة للبيئة والتقيد بقواعد واحتياطات بالغابات ، مؤكدا ضرورة “عدم استصغار أي سبب يمكن أن يؤدي إلى نشوب حريق بها، وتبليغ السلطات في حالة نشوبه، من أجل التدخل الفعال و السريع، بغرض حماية الغابات والحفاظ على سلامة المواطنين.
الثروة الغابوية الوكالة الوطنية للمياه والغابات جهة مراكش آسفي حرائق الغابات عبد العزيز الحجاجي لمدير الجهوي للوكالة الوطنية للمياه والغابات بمراكش آسفي.