نشر البروفيسور والباحث السوسيولوجي قيس مرزوق الورياشي تدوينة عبر حسابه الرسمي بفايسبك عن ما سماه ب “عن الخبرة والخبراء وطاسيلتهم!”، منتقدا اعتماد الوزارة على أساتذة جامعيين لا يمكن اعتبارهم خبراء.
وانطلق الورياشي في تدوينته من تحديد مفهوم الخبرة على أنها تطلق على الفحص التقني الذي يقوم به شخص له تجربة عملية واسعة في مجال معين، خصوصاً في مجال الاقتصاد خبير مالي مثلا) أو في القانون (خبير في قانون العقار أو في التكنولوجيا ( خبير في الطاقة الذرية)، إلخ، مبرزا أن “السوسيولوجيا كعلم شمولي (holistique) و تأويلي (hermeneutique) لا يمكن أن تتحول إلى معرفة قابلة لمطابقة الواقع بدقة نظرا لكون الواقع الاجتماعي متحرك باستمرار”.
ويضيف الورياشي أن الخبرة تستدعي تراكم تجربة ميدانية قابلة للتطبيق، “لا يمكن أن يكون هناك عالم اجتماع خبير، فقط يمكن أن يستعين بالمعرفة السوسيولوجية لتطوير خبرة في مجال قابل للتجربة مثلاً، خبير تربوي، خبير تنموي، خبير تدبير العمران (expert en urbanisme)، مشيرا إلى أن وزارة التعليم العالي كلما سعت إلى “إخراج” نسخة جديدة قديمة من الإصلاح الجامعي، تستدعي مجموعة من الأساتذة الباحثين” لاستشارتهم ك ” خبراء”.
ويضيف الورياشي: “وقد سبق أن سجلت أن مجموعة من هؤلاء لا يصلحون للخبرة بتاتاً. من جهة، كانوا أساتذة فاشلين معرفياً، ومن جهة أخرى كانوا أبعد ما يكون من هموم الجامعة سواء على المستوى العلمي أو البيداغوجي أو حتى السياسي. من هذا الجانب فقط يمكن أن تتصوروا كيف تطبخ الإصلاحات الجامعية”.
وسجل الورياشي ملاحزة ثانية تتعلق باستعانة الجامعة المغربية خلال السنوات الأخيرة ببروفيسورات جامعيين متقاعدين لمناقشة أطروحات جامعية لنيل الدكتوراه، إما نظراً لتجربتهم الطويلة في إدارة الأطروحات وإما نظرا لمساهماتهم واهتمامهم العلمي بموضوع الأطروحة، لافتا النتباه إلى أن الجامعة “أصابها فيروس البيروقراطية”، ما يجعلها لا تعترف بأستاذية البروفيسور، بل تدرجه في قائمة لجنة المناقشة كخبير.
وتابع الورياشي: “إن تحويل البروفيسور هنا إلى مجرد “خبير” هو احتقار لمكانة البروفيسور ودوره في تكوين أجيال من الباحثين. والبروفيسور في العُرف الجامعي الدولي، لا يفقد صفته بمجرد تقاعده. هل يتعلق الأمر هنا بعقدة أوديب (أو) عقدة الديب في النسخة المغربية، حيث يقوم الأساتذة الجدد بقتل الأب بالحط من البروفيسور وتحويله إلى مجرد خبير؟ أم أن المؤسسة قد أصابها الخرف ولم تعد لها ذاكرة؟”.
واختتم البروفيسور تدوينته ثائلا: “بكل صراحة أنا لست “خبيراً”، ولن أشارك في هذه المهزلة”.