عمل المغرب منذ إدراجه في اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، على الالتزام بالعديد من الاجراءات واتخاذ مجموعة من الإصلاحات التشريعية من خلال إقرار تعديلات على قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب حتى تتلاءم مع القوانين والتشريعات الدولية.
ويأتي اخراج المغرب من اللائحة الرمادية تتويجا للجهود والإجراءات الاستباقية المتخذة من طرف المملكة، إذ شملت عددا من الإجراءات التشريعية والتنظيمية وتدابير التوعية والرقابة؛ فما هي دلالات هذا الخروج؟ وما المزايا التي يفتحها في وجه الاقتصاد الوطني؟ وكيف للمغرب أن يستغله لتدعيم الاقتصاد الوطني في هذه الظروف المتسمة بارتفاع معدلات البطالة في صفوف الساكنة النشيطة وارتفاع مستويات التضخم؟
يرى ياسين اعليا، أستاذ اقتصاد وعضو حركة معا، أن قرار المفوضية الأوروبية القاضي بإخراج المغرب من اللائحة الرمادية يأتي في إطار استكمال الاجراءات المتعلقة بالقرار الذي اتخذته مجموعة العمل المالية سابقا خلال شهر فبراير الماضي بإخراج المغرب من المنطقة الرمادية إثر مسلسل من الاجراءات والمراقبات، توجتها مراقبة لجنة مجموعة العمل المالية الدولية التي قامت بزيارة خلال شهر يناير 2023.
وأكد الخبير الاقتصادي، في تصريح خص به موقع الأول للأخبار، على أهمية هذا الاجراء بالنسبة للاقتصاد الوطني، مبرزا أن من شأنه أن يعزز مكانة المنظومة المالية بالنسبة للمجموعة الأوروبية ويحفز المستثمرين في القطاع المالي للتوجه نحو المغرب باعتباره وجهة آمنة ونظامها البنكي آمن ويعمل وفق مجموعة العمل المالية الدولية ومعاييرها التي تم اعتمادها منذ سنة 2012 في آخر نسخة لها.
كما أن اخراج المغرب من اللائحة الرمادية سيؤدي كذلك إلى الرفع من مستوى تنقيط المغرب لدى مؤسسات الائتمان الدولي التي تقوم بتنقيط الدول بحسب سلامة منظومتها الاقتصادية، وسيحفز الفاعلين الاقتصاديين على التوجه إلى المغرب، ويؤكد الصورة المقدمة عن البلد كوجهة اقتصادية مأمونة للاستثمارات الخارجية، وفق ذات المتحدث.
وفي سياق متصل، يرى اعليا أن المغرب مطالب بالمقابل بالمزيد من الجهود لاستثمار هذا التطور الإيجابي، حيث عليه أن “يعمل على توجيه الاستثمارات وتعزيز مكانة القطب المالي للدار البيضاء واعتباره القطب الأهم في القارة الإفريقية وتأكيد مكانته كصلة وصل بين الرساميل المتوجهة نحو القارة والقادمة من قارتي أوروبا وآسيا، وبالتالي تأكيد المكانة التي يجب أن يحظى بها هذا القطب في إطار تنويع مصادر الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانتهم”.
ويضيف الخبير الاقتصادي أنه من جهة ثالثة يجب أيضا “استغلال هذا الاجراء لتعزيز التعاون مع الشركات الاوروبية في مجالات التصنيع، ونقل الاستثمارات إلى داخل التراب الوطني ضمانا لاستدامة مستويات النمو وضمان خلق فرص الشغل لمواجهة الوضع الحالي الصعب الذي يجتازه الاقتصاد الوطني على مستويات البطالة وكذلك الضعف الملحوظ وعدم استمرارية مستويات النمو الاقتصادي”.