سلمى البدوي-ومع
يتخذ زوج العملات الدولار الأمريكي/الدرهم منذ بضعة أسابيع منحى تصاعديا حيث بلغ أعلى مستوياته منذ 20 سنة.
وتعزى هذه الزيادة، التي تجاوزت هذه المستويات القياسية، إلى الارتفاع الأخير للدولار الأمريكي مقابل الأورو والذي انعكس على سعر صرف الدرهم. فما هو إذن تأثير هذا الارتفاع غير المسبوق على الاقتصاد الوطني، ولاسيما في مجال الاستيراد والتصدير؟ وهل من شأن هذا التوجه أن يفاقم ارتفاع الأسعار؟
ووفقا لتحليل أجراه مركز التجاري للأبحاث، فإن هذا التوجه التصاعدي يعد نتيجة لتشديد أوضاع السيولة في السوق البنكية للصرف. وهو الأمر الذي أكده الخبير الاقتصادي المختص في سياسة الصرف، عمر باكو، الذي أبرز، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدرهم ي عزى أساسا إلى طريقة تحديد سعر صرف الدرهم في مقابل العملات الأخرى.
وأوضح باكو أن هذه الطريقة التي تحمل اسم “طريقة السلة”، تقوم على تحديد السعر المركزي للدرهم مقارنة بمؤشر نظري مكون من الأورو (60 في المائة) والدولار (40 في المائة)، مشيرا إلى أن هذا المؤشر مصمم بكيفية تسمح بشراء سلة عملات أجنبية مكونة من 60 أورو و40 دولارا بنفس الكمية من الدراهم بغض النظر عن تطور سعر صرف الأورو مقابل الدولار في السوق الدولية.
وأضاف أنه، عمليا، حين يرتفع الدولار الأمريكي مقابل الأورو بنسبة 1 في المائة مثلا، فإن السعر المركزي للدولار مقارنة بالدرهم سيرتفع بنسبة 0,6 في المائة، في حين أن السعر المركزي للأورو مقارنة بالدرهم سينخفض بنسبة 0,4 في المائة. وسجل الخبير الاقتصادي أنه نتيجة لذلك، انعكس المنحى التصاعدي الأخير للدولار الأمريكي مقابل الأورو على سعر صرف الدرهم أساسا بسبب طريقة تحديد سعر الصرف المعتمدة في المغرب.
وبخصوص تأثير هذا المنحى على الواردات والصادرات، أشار باكو إلى أن انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار الأمريكي له تأثير سلبي على الواردات، وإيجابي على الصادرات. وقال إن الأمر يتعلق بتأثير سلبي بالنسبة للواردات لأن هذا الانخفاض يرفع بشكل طفيف أسعار الواردات الوطنية المسعرة بالدولار (حوالي 50 في المائة)، وبشكل خاص المواد الطاقية والمعدنية والفلاحية، مضيفا أنه في المقابل، فإن التأثير إيجابي بالنسبة للصادرات (حوالي 40 في المائة) بما أن هذا الانخفاض يمكنها من تحقيق مداخيل أكبر بالدرهم على إثر عمليات التصدير.
وشدد في السياق نفسه، على أنه “بشكل عام، وأخذا في الاعتبار التباين الطفيف بين تسعير وارداتنا بالدولار مقارنة بصادراتنا (نشتري بالدولار أكثر مما نبيع)، يمكن التأكيد على أن تأثير ارتفاع الدولار مقارنة بالدرهم سيكون بشكل عام سلبيا على ميزاننا التجاري”. وفي معرض جوابه عن سؤال حول مخاطر تفاقم ارتفاع الأسعار، أخذا في الاعتبار السياق الحالي، أبرز الخبير أنه بشكل عام، فإن الارتباط بين سعر الصرف والأسعار الداخلية هو على النحو الآتي: انخفاض سعر الصرف يرفع مبدئيا أسعار الواردات، مما يمارس ضغطا نحو الارتفاع على الأسعار الداخلية (التضخم المستورد). وخلص إلى أنه “بالنظر إلى كون الأمر يتعلق بانخفاض يظل معتدلا لسعر صرف الدرهم ولا يمس إلا جزءا من وارداتنا، وإذا أخذنا بعين الاعتبار عوامل أخرى، وخصوصا تدخل الدولة عبر صندوق المقاصة، والمنحى التنازلي لكلفة الشحن المسجل مؤخرا، بالإضافة إلى استقرار أسعار المواد الطاقية، فإنه يمكن التأكيد على أن التأثير على الأسعار الداخلية بالمغرب سيكون ضئيلا”.