يعد التقييم العالمي لوضع المناخ (GST)، الذي سيتم تقديمه في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28)، المنعقد بدبي الى غاية 12 دجنبر، نقطة تحول حاسمة في المعركة العالمية ضد الأزمة المناخية المتفاقمة.
وكما هو مطلوب إنجازه كل خمس سنوات بموجب اتفاق باريس للمناخ، سيشهد مؤتمر الأطراف في دبي أول تقييم شامل على الإطلاق للتقدم المحرز نحو تحقيق أهداف المناخ .كما يمثل فرصة لإلقاء نظرة عميقة على حالة الكوكب ورسم مسار أفضل للمستقبل.
وقال سايمون ستيل، الأمين التنفيذي للأمم المتحدة المعني بتغير المناخ: “إن التقييم العالمي لوضع المناخ عملية طموحة، للمساءلة، والتسريع”.
وهو بالغ الأهمية لكونه يهدف إلى التأكد من أن كل طرف يلتزم بجزءه من التزاماته، للحد من الانبعاثات، ويعرف إلى أين يجب أن يتجه بعد ذلك ومدى السرعة التي يحتاجها للعمل لتحقيق أهداف اتفاق باريس.
وقال ستيل، نحن نعلم بالفعل أننا نواجه فجوات ضخمة في تحقيق أهداف وغايات اتفاق باريس، خاصة عندما يتعلق الأمر بخفض الانبعاثات، والتكيف مع آثار تغير المناخ المتفاقمة وتوفير التمويل والدعم للدول النامية.
وهنا يأتي دور تقرير التقييم العالمي للمناخ، فصدوره خلال الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، مع مسارات محددة، بالإضافة إلى خطوات وأهداف ملموسة، لكل خطة عمل، من شأنه أن يساعد في تقليل هذه الفجوات.
وسيضع التقييم أيضا الأساس لتحديث وتحسين خطط العمل الوطنية للمناخ (المعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيا)، والتي يتعين على البلدان تنفيذها في عام 2025.
ومن خلال تقييم موقف العالم عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهداف اتفاق باريس واستخدام بنوده، يمكن لصناع السياسات والأطراف المعنية تعزيز سياساتهم والتزاماتهم المناخية لدى تقديمهم لتحيين مساهمات المحددة وطنيا، مما يمهد الطريق لتسريع العمل.
وتكمن أهمية هذا التقرير العالمي الأول في أنه يأتي خلال عقد حاسم للعمل المناخي.
ويهدف اتفاق باريس لإبقاء “الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة” ومواصلة الجهود “للحد من الزيادة في درجة الحرارة بأقصى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة”.
وتشير البيانات العلمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة إلى أن انبعاثات الغازات الدفيئة ستبلغ ذروتها قبل عام 2025 على أبعد تقدير، ثم تنخفض بنسبة 43 في المائة بحلول عام 2030 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
وتحذر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية قد يؤدي إلى تأثيرات أكثر خطورة على تغير المناخ.
وبالتالي فإن استنتاجات تقرير التقييم العالمي تمثل تذكيرا صارخا بمدى إلحاح الوضع ودعوة إلى العمل.
وليس التقييم نفسه هو الذي يغير الوضع، ولكن الاستجابة العالمية، خصوصا استجابة البلدان الأطراف في اتفاق باريس، هي التي ستحدث الفارق.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال خطابه أمام قمة العمل المناخي الجمعة بدبي على أن نجاح مؤتمر كوب 28 سيعتمد على نتائج “التقييم العالمي” – الذي ستقوم بموجبه الدول بتقييم التقدم المحرز في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري لأول مرة – والتي يمكن أن تضع العالم على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التكيف والتمويل والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وشدد على أن هذا التقييم يجب أن يصف علاجا موثوقا لكوكبنا المريض في ثلاثة مجالات رئيسية أولاها خفض الانبعاثات، لأن السياسات الحالية تقودنا إلى ارتفاع شديد في درجة حرارة الأرض بمقدار ثلاث درجات.
وحث غوتيريش البلدان على “تسريع جداولها الزمنية” للوصول إلى صافي الصفر، وأن يتحقق ذلك “بأقرب ما يمكن من عام 2040 في البلدان المتقدمة وعام 2050 في الاقتصادات الناشئة”.
وثانيا، الإسراع نحو التحول العادل والمنصف إلى مصادر الطاقة المتجددة، حيث لا يمكن إنقاذ الكوكب المحترق “بخرطوم” الوقود الأحفوري وفق تعبيره.
وشدد الأمين العام على أنه لا يمكن الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية إلا إذا توقفنا في نهاية المطاف عن حرق جميع أنواع الوقود الأحفوري: “ليس بالتقليل. ليس بالتهدئة. بل بالتخلص التدريجي – مع إطار زمني واضح يتماشى مع [هدف] 1.5 درجة”.
بالإضافة إلى ذلك، قال إنه يتعين على البلدان أن تلتزم بمضاعفة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات وكفاءة استخدام الطاقة، وتوفير الطاقة النظيفة للجميع بحلول عام 2030.
أما النقطة الثالثة فهي الوفاء بالوعد الذي طال انتظاره بتحقيق العدالة المناخية في عالم منقسم وغير متكافئ ــ بما في ذلك من خلال زيادة التمويل للتكيف مع تغير المناخ والخسائر والأضرار.
وحث الدول المتقدمة على مضاعفة تمويل التكيف إلى 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2025 وتقديم تفاصيل حول كيفية الوفاء بالوعد الذي قطعته لتقديم 100 مليار دولار من الدعم المالي للدول النامية.