الحسين أشنكلي، رجل أعمال تفوق في الجمع بين الاقتصاد والسياسة

ازداد السيد الحسين بن امحند بن الحسين أشنكلي سنة 1923، من قبيلة أيت النص، أيت بوبكر بآيت باعمران، الذي يتحدر جده من “اشناكلة” بالصحراء المغربية، تعلم القرآن والتحق باحدى المدارس العتيقة بضواحي اكادير. عصامي بنى نفسه بنفسه، ترك بصماته الاجتماعية والاقتصادية بسوس ظلت شاهدة على كرم الرجل وحبه لبلده ومنطقته.

تعلم أشنكلي “ميكانيك السيارات”، وحقق بذلك حلمه، كانت مهنة عصرية حكرا على الأجانب الأوربيين في عهد الاستعمار، وبفضل والد صديقه الفرنسي دخل أشنكلي إلى عالم المحركات، الذي كان يعمل يومها بشركة ساطاس التي كانت حينها في ملكية أحد الفرنسين.

في احدى حواراته تحدث الفقيد الحسين أشنكلي عن كيفية تدرجه في العمل بعد حصوله على تدريب في شركة النقل المملوكة من قبل “باروتيل”، أثبت خلاله حنكته وجدارته، فحصل على ثقة مشغله، الذي عهد إليه بمهام كانت حكرا على الأجانب، وبعض اليهود المغاربة، فحظي باحترام الوجهاء والقياد بعد إتقانه مهنة ميكانيك السيارات، وتعلمه أسرارها، ونبوغه في إصلاح المطاحن العصرية، وتركيب مضخات المياه، كما علم بدوره المئات من الشباب “الحرفة”، وأصبح يقصده الأجانب والمغاربة لإصلاح سياراتهم.

عرف عنه أنه تولى سنة 1957 سياقة سيارته الخاصة ذات الترقيم المغربي بمعية ولي العهد أنذاك الأمير الحسن الثاني، حيث كان الأخير في زيارة لمدينةأكادير.

مستثمر ورجل أعمال متعدد التخصصات

الحسين أشنكلي موسوعي حتى في أعماله  الاقتصادية، ففي الميدان الخدماتي هو منعش سياحي.

وفي الميدان التجاري معروف عنه استيراد وتوزيع وبيع الآليات والعربات الفلاحية، وشاحنات النقل على الطرقات السيارات.

وفي الميدان الصناعي انخرط في صناعة المصبرات السمكية، وفي صناعة الدقيق والعجائن، وفي صناعة المحركات والمضخات المائية، وفي صناعة المحركات الكهربائية، وفي حفر الآبار بالتقنيات الحديثة والتنقيب عن المياه الجوفية.

وفي الميدان الرياضي كان أحد مؤسسي فريق حسنية أكادير لكرة القدم خمسينات القرن الماضي، كما كان رئيسا لهذا الفريق لفترة، وعضو فعال في النادي الملكي للكولف بأكادير، وقد مارس في حياته رياضات مختلفة كالملاكمة وسباق السيارات والتنس والقنص والكولف.

رجل الأعمال والسياسي المترافع عن المنطقة

دخل أشنكلي غمار السياسة عكس مجموعة من رجال الأعمال السوسيين، فقد كان نائبا برلمانيا ثم مستشارا بمجلس المستشارين، وترأس غرفة التجارة والصناعة والخدمات منذ 1976 إلى 1993، ثم عاد ليرأسها في سنة 2003. وتمكن من أن يتقدم لائحة السوسيين العصاميين الذي كافحوا لبناء مستقبلهم وثروتهم، بل ارتبط اسمه باستيراد السيارات وماركات معروفة منها، فهو الذي تتلمذ على يد ميكانيكيين معروفين كالفرنسي فيراري.

عرف الحسين أشنكلي بالترافع عن القضايا الكبرى ذات النفع العام، فقد حقق بفضل حسه الوطني وغيرته على جهته مجموعة من المنجزات كانت لوقت قريب حلما ان لم نقل مستحيلا، فقد كان من البرلمانيين السوسيين الذين طالبوا بإنشاء جامعة ابن زهر، وترافع من أجل احداث الطريق السيار بين مراكش وأكادير حيث قام بأنجاز الدراسة السوسيو اقتصادية للطريق من ماله الخاص.

كما ترافع رحمه الله على بناء ميناء طانطان وميناء سيدي إفني والميناء التجاري لأكادير ومطار المسيرة الدولي وسد عبد المومن. وفي المجال البيئي ساهم بتقديم وثيقة تحت عنوان “من أجل تعبئة وطنية لإنقاذ غابات الأركان”. كما كان من السباقين للدعوة لتحلية مياه البحر، حيث قدم وثيقة حول “تحلية مياه البحر” حفاظا على الثروة المائية بالمنطقة ولتغطية العجز الحاصل في هذا المجال. وكان  وآخر مشروع كان يعمل عليه رحمه الله إلى أن وافقته المنية هو مشروع إدماج جزء من الميناء القديم لأكادير في محيطه السياحي في أفق انعاش القطب السياحي لأكادير.

مشاريع كبرى من ماله الخاص

كما قام سنة 2004 ببناء “معهد التكنولوجيا التطبيقية فاضمة البوهالي” على أرض في ملك والدته بمسقط رأسه، وأطلق عليه اسم جدته، وذلك من ماله الخاص بأزيد من ملياري سنتيم لبناء المعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية بميرلفت سنة 2004. اليوم المعهد يضم أزيد من 900 متدربة ومتدرب في التأهيل المهني والتقني المتخصص في شعب مختلفة وتخرج منه إلى حدود 2018 قرابة 5000 متدربة ومتدربا جلهم يزاول وظيفته بالقطاع العام أو الخاص أو يتابع دراسته الجامعية أو المهنية.

إضافة إلى بناء أول مؤسسة انتاجية بالمغرب، هي مركز التكوين والمساعدة على خلق المقاولات، لمساعدة الشباب من أجل إحداث مشاريع خاصة بهم، وهو الذي عاش العصامية وتجاربها المريرة. المركز تكفل سنة 2017 بصنع و تركيب قرابة 10 آلاف طاولة و 8 آلاف سبورة بيضاء بجهات سوس ماسة والأقاليم الجنوبية الثلاث، وكذا بتوفير الوزرات سواء البيضاء للتقني والتقني المتخصص أو الزرقاء لمتدربات ومتدربي التأهيل المهني في شعبة الميكانيك لنفس الجهات المذكورة.

وقد كان له الفضل الكبير في بناء المعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة انزكان، المدرسة التي تخرج منها المآت من الشباب في تخصصات مختلفة، فقد قدم جميع التسهيلات الممكنة لاخراجها للوجود.

توفي الفقيد الحسين أشنكلي يوم 4 أبريل 2015، عن عمر ناهز 90 سنة، افتقدت سوس والمغرب معدنه، فقد كان مناضلا كبير في الميدان الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والرياضي، فما قام به يتعدى الاستثمار والمقاولة.