نظم بيت الصحافة بطنجة ،أمس السبت ،بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ،ندوة حقوقية حول “الذاكرة المشتركة :الإعلام وحقوق الإنسان ” ،بمشاركة فعاليات حقوقية مغربية وإسبانية وأكاديميين وإعلاميين وخبراء وممثلي المهن القضائية .
وبهذه بمناسبة ، جرى الاحتفاء بقيدوم الحقوقيين المغاربة الدكتور محمد النشناش ، القامة الحقوقية المغربية وأحد أعلام الفعل الحقوقي المغربي ،تنظيرا و انشغالا وممارسة ، والذي أيضا ساهم من موقعه الجمعوي والمؤسسي في النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها ، والدفاع عن المكتسبات التي تحققت في المجال والتعريف بها على نطاق دولي وإقليمي واسع.
وأجمعت المداخلات في لحظة التكريم أن السيد النشناش اجتمع فيه ما تفرق في غيره باعتبار المجالات التي اشتغل فيها وأبدع فيها ،بداية من المجال الطبي والتطوعي الى المجال الإعلامي والتأليف المسرحي و السياسي والمجال الحقوقي خاصة الذي تفرغ له لمدة تزيد عن 60 سنة ،مشيرة الى أن المحتفى به لم يكن فقط رجل المهام الحقوقية الصعبة بل وكان أيضا من المدافعين بلا هوادة على اختيارات المغرب الحقوقية والدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب ،ولا أدل على ذلك مشاركته في حدث المسيرة الخضراء كطبيب متطوع .
وعن مساره الحقوقي ومساهمته في الكثير من المحطات الحقوقية على الصعيد الوطني ، أبرز الدكتور النشناش ، المحتفى به ، أن التكريم في حد ذاته هو تكريم لمسار حقوقي مغربي طويل تحقق خلاله الكثير من المكتسبات والإنجازات والتحولات الإيجابية، وهو أيضا تكريم لرواد العمل الحقوقي المغربي ،مضيفا أن التكريم هو أيضا خطاب موجه للناشئة والأجيال الصاعدة للمضي قدما من أجل أن يبقى بلدهم شامخا ونموذجا في مجال حقوق الإنسان والتسامح .
وبعد أن أشار المتدخلون الى اعتماد المغرب منذ مدة للعهدين الدوليين المتعلقين بحقوق الإنسان المتمثلين في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتبر المتدخلون أن موضوع الندوة الذي يجمع حقوق الإنسان والإعلام يعكس الأدوار التي لعبها الإعلام الوطني ، من موقعه المتقدم ،في النهوض بحقوق الإنسان والتشجيع على الممارسات الحقوقية والإنسانية القيمية والنبيلة .
وأشارت المداخلات الى أن المنهجية التصالحية التي تبناها المغرب في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس التي ساهمت في طي صفحة انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي و إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة ومؤسسات حقوقية أخرى ، التي تشكل تجربة مهمة في تاريخ المملكة ، مضيفين أن المغرب اتخذ الكثير من المبادرات التي تجسد بجلاء، التزام المغرب الراسخ بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها ، والدفاع عنها في كل المحافل والمنابر الإقليمية والدولية .
وشدد المتدخلون على أن مسألة حقوق الإنسان ليست فقط قضية تشريعات وقوانين وقرارات بل هي مسؤولية أخلاقية وممارسة وانشغال يومي يحتاج الى الحماية والتتبع والمتابعة على المستوى الوطني كما على المستوى الجهوي ، وهو الدور الذي أنيط في المغرب بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان وبالمجتمع المدني الفاعل من أجل النهوض المستدام بحقوق الإنسان وحمايتها ، دون أن نغفل دور الإعلام والتربية في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وضمان تشبع الأجيال الصاعدة بها وجعلها سلوكا يوميا داخل المجتمع في عالم تتطور فيه بسرعة وسائل الاتصال والتواصل بالصالح منها وغير ذلك .
وأضافوا أن المغرب بمجتمعه ومؤسساته له الوعي التام بأن موضوع الحقوق لم يعد ملتصقا بقضايا مجتمعية معينة بل أصبحت حقوق الإنسان ترتبط أيضا بمواضيع ذات راهنية مثل التعصب والتطرف والتمييز والانغلاق وبملف الهجرة وبالحقوق السوسيواقتصادية والثقافية والإعلامية والتربوية و التعددية التشاركية والحكامة وغيرها .
وفي هذا السياق ، أبرز متدخلون أنه يجب بين الفينة والأخرى القيام بوقفة تأمل لتقييم وتقويم ما فات و ما أحرزه المغرب من تقدم واستحضار القادم وكذا قياس حجم التحديات المرتبطة بحقوق الإنسان كقضية لا تقبل التجزيئ ، مبرزين أن المغرب بكل مكوناته الحية يواصل تفاعله الإيجابي مع المنظومة العامة لحقوق الإنسان .