عقد حزبا المحافظين والعمال، مؤخرا، مؤتمريهما السنويين بشمال إنجلترا، في محاولة أخيرة لحشد أنصارهما على أعتاب حملة انتخابية من المتوقع أن تكون حامية الوطيس قبل الانتخابات التشريعية للعام 2024.
وفي كلمته الأولى أمام مؤتمر المحافظين كزعيم للحزب، جعل ريشي سوناك من مهمته إعادة الأمل للمحافظين الذين ظلت استطلاعات الرأي تتوقع خسارتهم، من خلال خطاب مطول حاول فيه أن ينأى بنفسه عن الإرث السياسي لحزبه.
ومن الملفت أن رئيس الوزراء البريطاني اختار تسليط الضوء على عنصر غير نمطي لحزب يتولى السلطة منذ 13 عاما، من خلال التركيز على مفهوم “التغيير”. وقدم زعيم المحافظين، الذي اعتلى المنصة في مانشستر لأكثر من ساعة بقليل، إجابات على العديد من الأسئلة المزعجة التي حركت المناقشات في المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من تنوع البيانات التي قدمها وارتباطها بالعديد من المجالات، إلا أنها كانت تحمل شعارا مشتركا وهو التغيير. مصطلح تم نطقه حوالي ثلاثين مرة من قبل السياسي البالغ من العمر 43 عاما، والذي يريد تجسيد القطيعة مع “الوضع السياسي الراهن الذي دام 30 عاما”، والذي فشل.
هي قطيعة تتجسد في العديد من المشاريع السياسية التي تؤثر على الاقتصاد والتعليم والنقل والصحة، والتي يفترض أن تمثل الشعار الجديد للمحافظين: “قرارات طويلة المدى من أجل مستقبل أفضل”.
ومن أجل عدم ترك أي مجال للشك حول حقيقة أنه أطلق حملته لعام 2024 في مانشستر، وجه سوناك انتقادات لاذعة إلى المعارضة العمالية، منتقدا على وجه الخصوص صمت حزب العمال بشأن القضايا الأكثر إثارة للخلاف.
وقال: “لقد حدد حزب العمال لنفسه هدف القيام بأقل قدر ممكن من العمل والقول، على أمل ألا يلاحظ أحد. إنهم يريدون اعتبار أصوات المواطنين أمرا مفروغا منه، والاستمرار في ممارسة السياسة بنفس الطريقة. إنه رهان على لامبالاة الناس. إنهم لا يبتغون هدفا أسمى ولا مستقبلا أفضل”.
وبشكل مباشر، استهدف سوناك زعيم المعارضة كير ستارمر، الذي اتهمه بتغيير موقفه من العلاقة مع الاتحاد الأوروبي وفقا لاستطلاعات الرأي، مما يدل على الانتهازية السياسية.
وجاء الرد يوم الثلاثاء عندما أعرب ستارمر، الذي يتقدم بفارق 16 نقطة في استطلاعات الرأي، عن طموحه بتحقيق انتصارات متتالية في الانتخابات العامة، ووعد بـ “عقد من التجديد الوطني”.
وفي خطابه أمام مؤتمر حزب العمال في ليفربول، أعلن عن رغبته في “إدارة ظهورنا للانحدار الذي لا نهاية له للمحافظين”.
وقال إن حزب العمال “تغير” و”لم يعد حزب الاحتجاج”، بل حزب “يخدم” البلاد، في محاولة لتقديم نفسه كبديل ذي مصداقية لحزب المحافظين الموجود في السلطة منذ 13 عاما.
ويخشى مخططو حزب العمال أن يكون تقدم الحزب في استطلاعات الرأي عائدا إلى الغضب من حكومة المحافظين أكثر من الحماس لحزب العمال. وهو الوضع الذي حاول ستارمر تعديله من خلال شرح كيف يمكن لوصول حزبه إلى السلطة أن يحقق النمو الاقتصادي والطاقة المحلية الرخيصة وفرصا أفضل وشوارع أكثر أمانا.
وفي ما يرجح أن يكون آخر المؤتمرات السنوية للأحزاب البريطانية الرئيسية قبل الانتخابات العامة في الخريف المقبل، أظهر زعماء حزب المحافظين وحزب العمال طموحهم بوضوح. ويبقى ترقب ما يحمله العام المقبل بالنسبة للطرفين وتأثير ذلك على نوايا التصويت.
وعلى كل حال، ما من شك في أن أي زعيم يقدم استجابات ملموسة لأزمة تكلفة المعيشة وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية سيحظى بتأييد قطاعات كبيرة من الشعب البريطاني.